أهلا برمضان! بهذه المناسبة يتقدم فريق Numero1.ma بأحر التحايا و أجمل الأمنيات و أطيب الأوقات لقرائنا الأوفياء و الضيوف العابرين و لعموم الشعب المغربي و شعوب العالم الإسلامي. هذا المقال جامع شامل لأهم عادات المغاربة في شهر الصيام و أيضا يعرفك بفوائد رمضان الصحية و الروحية. أدعوك إلى هذه الجولة لتكتشف العادات و التقاليد المغربية في رمضان.
رمضان: الشهر المعالج
عبر العالم المسلم يتم أداء فريضة الصيام. تلك الأيام المعدودة طيلة شهر رمضان حين يتوقف المسلمون عن الأكل و الشرب منذ الفجر إلى أذان المغرب. البعيدون عن هذه الثقافة يملأهم العجب، إنهم يتساءلون كيف يمكن أن تجوع كل هذه المدة من الزمن! الواقع أن طريقة فهمنا للصيام هي ما يحدد فكرتنا أو شعورنا نحوه. علينا أيضا أن نعرف أن الصيام موجود في ثقافات عديدة و ليس فقط في العبادات الإسلامية. اليهود مثلا لديهم زمن من الصوم، المسيحيون أيضا، الهندوس يصومون أيضا يوما كاملا. أطباء اليوم يشجعون على الصوم لأنهم اكتشفوا أهميته بالنسبة للجسم و العقل و الروح. و لعلك سمعت الكثير عن برامج الصوم الأمريكية و الكندية، الروسية و اليابانية الموجهة للعلاج و تخسيس الوزن و الحفاظ على اللياقة البدنية. في الفقرة الموالية سنتعرف على أهمية الصوم، سوف تتمنى لو كانت الشهور كلها رمضان!
فوائد تجعلك تحب رمضان
يعتاد الناس على التساؤل حول أهمية شئ ما بالنسبة لحياتهم. فقبل أن يقوموا بأي عمل أو صفقة أو قرار يفكرون حول ما سيحصلون عليه في المقابل. إنها المصلحة، و هي أساس العالم البشري. في المعاملات التجارية، السياسية، الإجتماعية و في العبادات الدينية. إذن ماذا ستربح من صوم رمضان. قبل أن نعرض عليك بعض الفوائد لنتفق أولا أن كل عبادة في الإسلام هي من أجلك و ليس من أجل الله. إنها عبادات تزكي النفس و تنظفها و كم نحتاج إلى هذا في عالمنا. جاء رمضان ليعلمنا و يطهرنا عن عادات سيئة أو أي شئ آخر سلبي، و الهدف هو أن نكون أرقى مما نظن. ولكن، دعنا أولا نعرف المسألة التالية:
ما الذي يحصل لأجسامنا أثناء الصوم ؟
أثناء الصوم تحصل أمور جيدة في أجسامنا. حينما نصوم يعتمد الجسم على احتياطاته المخزنة فيمتص الغذاء من السكريات في الكبد، في دهون الجسم، في بروتينات العضلات. هذه العملية تقوم بتنظيف الجسم من السموم ويتم تجديد المعدة و الأمعاء و ترتاح أجهزة أخرى مثل البانكرياس. ينتج عن كل هذا فوائد هامة و ملحوظةمن طرف الصائم و خبراء الصحة، نتعرف على بعضها في الفقرة الموالية.
فوائد الصوم
- بطئ عملية الهضم، مما يجعل الجسم ينظف نفسه تدريجياً ويطلق السكريات السيئة.
- انخفاض الوزن و التقليل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
- ينتقل الإنسان إلى حالة من الصفاء الذهني و النفسي بعد أيام من الصوم. الإحساس بالإرتياح و خفة الجسد و الروح. لاحظ خبراء الصحة ذلك فاعتمدوا على الصوم في برامج علاج أمراض عضوية مثل الجهاز الهضمي، اضطرابات الكبد. أمراض نفسية مثل الإكتئاب، أمراض عقلية مثل اضطرابات الوسواس القهري.
- حسب تقرير وزارة الصحة فإن الصوم يجدد البشرة، يقوي الأسنان، يقوي الشعر، يهدئ الحواس، و يزيد من التركيز.
من المهم أن تعرف: بعض الناس يشعرون بألم في الرأس أو دوار في الأيام الأولى للصيام. هذا شئ طبيعي بسبب التوقف المفاجئ عن الأكل. سيتوقف هذا الألم بعد يومين أو ثلاثة أيام حين نتكيف مع الصوم. لتجنب هذا الصداع في الرأس من الأفضل تخفيض نسبة تناول السكريات، القهوة، الشاي و السجائر قبل رمضان. كما ينصح بشرب كمية مهمة من الماء في الليل، و من الأفضل أثناء النهار تقليص الجهد البدني. حسب وضعيتك مارس المشي أو ركوب الدراجات.
رمضان بنكهة مغربية
بعد تعرفنا على أهمية الصوم لصحة الجسم و العقل و الروح. هذه الفقرة ستكون حول احتفاء المغاربة برمضان. رمضان عند المغاربة له لقب خاص، إنه الشهر الوحيد الذي يحمل لقب ” سيدنا”. يتكلم المغاربة عن رمضان قائلين “سيدنا رمضان” و ذلك تقديرا له و إكبارا لمنزلته في نفوسهم. يعتبر المغاربة رمضان مدرسة و المعلم و الحكيم، ذلك يوجه طريقة تعاملهم معه. الإحتفاء برمضان مهمة مميزة في المغرب. يظهر ذلك في مناحي مختلفة، مثل:
- المساجد: فقط في رمضان تفتح المساجد طيلة الليل من أجل صلاة التراويح. و فقط في رمضان تطلق الأبواق فتسمع الصلوت خارج المساجد. تقام ليالي القرآن للصغار و الكبار، للرجال و النساء.
- البيوت: رمضان عند المغاربة هو شهر دعم القيم الروحية و تعزيز الروابط العائلية. وهو شهر العطور الشعبية، حيث يكثر استخدام المباخر وعطور المسك و أنواع الطيب في البيوت المغربية.
- الأسواق: رمضان في المغرب يظهر مميزا في الأسواق التي تبدو مختلفة عن العادة. يتم عرض السلع الخاصة برمضان، كالملابس التقليدية و الأواني المرتبطة برمضان.
- دوام العمل: يتم تقليص مدة العمل في الوظائف الخصوصية و العمومية لتتماشى مع جو رمضان المميز.
- صدقة الإفطار الجماعي: رمضان في المغرب هو شهر يتنافس فيه المغاربة في إفطار الصائم، إنها صدقة محبوبة يتم الإعداد لها جيدا. في كل الأحياء السكنية يتم إنشاء خيام و تجهيزها بمقاعد و موائد يقدم فيها الإفطار للمعوزين، الأجانب و عابري السبيل.
في النهار تمتلئ الشوارع بالناس و تكثر الحركة و النشاط العملي، ما إن تغرب الشمس حتى تفرغ الشوارع وتبدو المدن مهجورة من السكان. لم يرحلوا إلى أي مكان! المغاربة في بيوتهم أمام مائدة الإفطار. الفقرة الموالية ستعرفك على عادات الإفطار المغربي.
المطبخ المغربي في رمضان
رمضان في المغرب يتميز بمطبخ خاص بهذا الشهر المرتبط في أذهان المغاربة بوجبات معينة، إنها لذيذة و مغربية الإنتاج بحيث لن تجدها في أي ثقافة أخرى.
الحريرة المغربية
إذا كان هناك من منتوج مغربي رمضاني بامتياز فهي الحريرة. الحساء الشعبي اللذيذ و المنسم بالتوابل. الحريرة المغربية هي ملكة مائدة الإفطار في المغرب. إنها محبوبة المغاربة التي يسمونها بالحساء الأحمر بسبب لون الطماطم، المادة الأساسية لإعدادها. إذا كنت في المغرب و لم تشرب الحريرة فأنت لست في المغرب!
الثمر
حريرة من دون ثمر! هذا ليس مثاليا! يقدم الثمر في أطباق فاخرة مرفوقا بالحريرة. أنواع الثمور عديدة و أكثرها شعبية عند المغاربة: أسوكري، المجهول، بوفقوس.
الشباكية
نوع من الحلويات المختلطة ببذور و ثمار متنوعة، اللوز، السمسم، جوز الطيب، العسل و غيرها من المواد التي تختلط فيما بينها ويتم تشبيكها باحترافية. الشباكية محبوبة في رمضان و هي عادة مغربية متوارثة. يتم صنعها في البيت أو شراؤها من المحلات المتخصصة.
سلّو
لا تكتمل مائدة رمضان في المغرب إلا بحضور هذا المنتوج الغذائي التقليدي عالي الجودة. سلو من أصله الأمازيغي “أسلّو” هو خليط محمص من الدقيق و دقيق اللوز. الجوز، العسل، و بذور متنوعة. يكون سلو ذهنيا، جافا، أو نصف ذهني أو نصف جاف، حسب الذوق و الرغبة. عادة يتناول في السحور مع الشاي أو الحليب.
بوشيار
رغيف أمازيغي انطلق من منطقة الأطلس المتوسط ودخل بيوت المغاربة من شماله إلى جنوبه. يحب المغاربة تناوله في الإفطار أو في السحور. يتم تقديمه ساخنا مع الزبدة و العسل. محبوب في فصل الشتاء أيضا.
بطبوط
الرفيق الدائم للوجبات المغربية، في رمضان يتفنن المغاربة في إعدادو تنويع رغيف البطبوط، وطرق حشوه حسب الأذواق. سواء في رمضان أو في غيره، فالمطبخ المغربي فريد في مذاقه، تعرف على أشهر الوجبات المغربية.
الأواني الرمضانية في المغرب
كما يهتم المغاربة بمطبخ رمضان، يهتمون أيضا بالأواني التي يحرسون على شرائها مجددا خصيصا لشهر رمضان. تنتعش أسواق الأواني التي تقدم عروضا لكل الطلبات و الأذواق. المغاربة شعب يحب حضارته و هو يحتفي بها في المطبخ و ديكور البيت، حيث يفضلون استخدام الأواني و الديكور التي تحمل بصمة الصانع المغربي. سواء تعلق الأمر بشراشف و أغطية المائدة أو بأطباق تقديم وجبة الإفطار، فإن رمضان يحمل نكهة مغربية في كل شئ!
المغرفة الخشبية
المغرفة الخشبية هي رفيقة مائدة الإفطار المغربية. متوارثة منذ القدم. مهما تطور الزمن و اختلفبت المنتوجات المرافقة للحساء، فأي مغربي لا يتخيل مائدته من دون هذه المغرفة الصغيرة، الأنيقة و صعبة الكسر. إنها توأم الحريرة.
الأطباق الخزفية أو البورسولين المغربي
تقدم الحريرة في أطباق خزفية أو في أطباق من البورسولين المزين برموز و أشكال من صميم التراث المغربي. لهذا تنتعش تجارة هذه الأطباق في رمضان، حيث يحب المغاربة أن ترافق موائدهم الرمضانية. يتم تزيين هذه الأطباق بأشكال هندسية من الزخارف المغربية ك: الزليج، رموز و منقوشات تراثية.
أطباق الثمر
الثمر ثقافة رمضانية على الخصوص وتقديمها لا يكون عشوائيا. تختلف أطباق الثمر من أطباق الخزف، الفضة، النحاس، القصب أو جريد النخل.
الشراشف، غطاء المائدة، المناديل
يحرص المغاربة على إضفاء الطابع المغربي على مائدتهم الرمضانية. يزينونها بأغطية و ملحقات من صميم الصناعة التقليدية المغربية، و تعتمد في أساسها على التطريز، خصوصا التطريز الفاسي و المكناسي الذين لا يخلو منهما بيت مغربي، خذ فكرة أوسع عن فن التطريز المغربي.
الملابس المغربية في رمضان
شهر رمضان هو شهر الملابس التقليدية بامتياز. يحتفي المغاربة بالأزياء التقليديةو يلبسونها كل يوم منذ غروب الشمس و يتم الصلاة بها. الجلباب، الجابادور هما الأكثر تداولا بالنسبة للرجال. و بالنسبة للنساء فالقفطان المغربي و الجلباب بالتصاميم المختلفة هما الأكثر تفضيلا في هذا الشهر الكريم. الأطفال كذلك لا يستثنون من عادات اللباس المغربي الأنيق. تعرف على أجمل الملابس التقليدية المغربية.
ليلة القدر
(ليلة خير من ألف شهر) يحرص المغاربة على الإعتناء بهذه الليلة. عادات ليلة القدر في المغرب مرتبطة أساسا بالأطفال الصغار. يتم الإحتفاء في هذه الليلة بعروس أو عريس ليلة القدر، وهم الأطفال الذين لم يبلغوا سن الصيام ومع ذلك صاموا لأول مرة في حياتهم. ليلة القدر هي الليلة التي يقرر فيها الآباء تشجيع أبنائهم على تجربة الصوم ليوم واحد.
يتم الإحتفال بصيام الأطفال في موكب شعبي يجوب الأزقة و الشوارع. تشعل الشموع و الأضواء. يزين الأطفال و يوضعون في هودج مزركش أو يركبون على الخيل. تتنوع طرق الإحتفال بصيام الأطفال حسب المناطق.
خلاصة: هذه بعض العادات و التقاليد المغربية في رمضان قدمناها لكم، و التي تمنح للمغرب بصمته الخاصة بين الشعوب المسلمة. يحب المغاربة هذا الشهر و يسمونه “سيدنا رمضان”. هذه العادات المغربية المميزة في رمضان ليست سوى انعكاس لمدى محبة و ارتباط المغاربة بهذا المعلم الحكيم. إن كنت أجنبيا و أحببت زيارة المغرب في رمضان، فهذه فرصة ثمينة لتصل إلى أعماق هذا البلد. رمضان مبارك كريم و كل عام و أنتم بخير.